معبد ابو سمبل في اسوان
مقصورة الإله تحوت
مقصورة الإله تحوت :
تقع هذه المقصورة جنوب واجهة المعبد الكبير وكرست إلى
الإله تحوت رب المعارف والعلوم في مصر القديمة . وهي عبارة عن غرفة منحوتة
في الجبل ويتقدمها فناء يحيط به جدران من الطوب اللبن ويستطيع الزائر
زيارتها من خلال بوابة موجودة في الجدار اللبني الشرقي . والمقصورة نفسها
تأخذ شكلا مربعا حيث يبلغ طولها 6.45 مترا وعرضها 4.40 مترا . ولأن اميليا
ادواردز هي أول من دخل هذه المقصورة لذا أطلق عليها اسم "مقصورة اميليا
ادواردز" . تسمي هذه المقصورة علميا باسم بيت الولادة , ويوجد بوسطها قاعدة
كان يوضع عليها المركب الخاص بالإله تحوت .
والإله تحوت معروف عنه انه اخترع الكتابة المصرية
القديمة ودائما ما يصور علي هيئة طائر أبو منجل والذي اعتبر شعار المقاطعة
رقم 15 في مصر العليا , وكان مركز عبادة هذا الإله في الاشمونين في محافظة
المنيا في صعيد مصر. وفي مناظر هذا المعبد أو مقصورته صور إما علي هيئة قرد
أو إنسان برأس طائر أبو منجل وفي كلتا الحالتين كان يضع علي رأسه الهلال .
اعتبر المصريون القدماء هذا الإله ربا للمواقيت والزمن لانه تفاوض علي
إضافة الخمسة أيام النسيء للسنة المصرية وإكراما له سمي المصريون الشهر
الأول باسمه وهو شهر "توت". واعتبر حاميا للكتابة والمتعلمين بل كانوا عند
الكتابة يتمتمون باسمه ويقطرون من الريشة حبرا وهو نفس ما نفعله دون قصد .
وكانت قرينته إما الإلهة ماعت ربة العدالة والقانون والصدق أو سشات ربة
الكتابة . بسبب كل هذه الكرامات لم يكن غريبا علي رمسيس أن يشيد له مقصورة
لوحده , ولربما أيضا بسبب ارتباطه بمنطقة النوبة فهو الذي اقنع الإلهة
تفنوت أو حتحور بالعودة من النوبة بعد أن رحلت من مصر بسبب غضبها من أبيها
رع .
الفجوات في شمال وجنوب الواجهة :
كلمة "فجوة" يقصد بها المنطقة الموجودة بين الجبل
والتمثال الكبير لرمسيس الثاني وقد قصد الفنان تركها حتى يحدد إطار صرح
المعبد ولكن الفنان أراد أن يستغل الفراغ بوضع لوحة كرسها إلى آلهة مصر .
في الفجوة الشمالية لوحة تصور رمسيس الثاني يقدم خمرا
إلى الإله رع-حور-اختي , وفي الفجوة الجنوبية لوحة يظهر فيها الملك وهو
يقدم خمرا إلى كل من أمون-رع ورع-حور-اختي وحورس رب محا . وبالإضافة إلى
هذه اللوحات كان هناك قبر حديث تم نقله بعد الإنقاذ إلى وراء المعبدين .
و صاحب هذا القبر يدعي" بنيامين انشمان تدزول" وكان
برتبة ميجور في حملة النيل علي السودان والتي أرسلها الخديوي توفيق عام
1884 م وهي حملة مشتركة من المصريين والإنجليز, ومات هذا الضابط الإنجليزي
أثناء طريق الحملة العسكرية بالقرب من أبو سمبل فتم دفنه في هذه الفجوة
الجنوبية وكتب علي قبره : "تبجيلا لذكري الميجور بنيامين انشمان تدزول ,
فرقة الدراجون الملكية , المولود في 11 مايو 1850 م والمتوفى في 18 يونيو
1885 م , أثناء الخدمة في فرقة الهجانة مع حملة النيل" .
تمثال من معبد ابو سمبل في اسوان
صالة الأعمدة الأوزيرية
يقصد بالمصطلح الأثرى " الأعمدة الأوزيرية " هو العمود
المربع الذي يتقدمه تمثال بالحجم الغير طبيعي للملك رمسيس الثاني وهو علي
هيئة الإله أوزوريس الذي تلتصق قدماه وتتقاطع يداه علي صدره ويمسك في يديه
المنشة والصولجان ويرتدي نقبة قصيرة . يبلغ طول الصالة 11 متر وعرضها 7.60
متر .
وهذه الصالة هي صالة الأعمدة الكبري وتقع بعد الساحة
الأمامية للمعبد وسقفها محمول على ثمانية أعمدة أمام كل منها تمثال ارتفاعه
عشرة أمتار للملك "رمسيس".
أما السقف فهو مُزين بنسور (عقبان) تمثل أوزوريس ،
والنقوش التى على الحوائط تمثل الفرعون ("رمسيس") فى معارك مختلفة منتصراً
كالمعتاد .
صالة الأعمدة الثانية "صالة المراكب المقدسة":
تضم هذه الصالة أربعة أعمدة مشابهة لما هو موجود في
الصالة الأولى حيث يرى الزائر "رمسيس" ونفرتارى" أمام الآلهة والمركب
الشمسية التى تحمل الميت إلى العالم الآخر كما فى معتقداتهم ، ولكن من
الملاحظ أن هذه الصالة لازالت محتفظة بألوانها . أما مناظرها فهي تدور حول
موضوع مركزي وهو تقديم البخور والقرابين إلى المركب المقدس سواء الخاصة
بالإله في الجدار الجنوبي أو الخاصة بالملك علي الجدار الشمالي. وعلي
الجدار الجنوبي يقف الملك رمسيس الثاني وهو يمسك مبخرة وأمامه مائدة قرابين
حيث يقوم بتبخير القرابين أمام مركب الإله أمون التي تتميز بمقدمتها
ومؤخرتها التي تتخذ شكل كبش وهو أحد الأشكال الرئيسية للإله أمون. والمركب
يحملها 21 رجل مدني وليس رجل دين حيث يلبس كل منهم نقبة قصيرة, والملكة
نفرتاري تقف وراء المركب وهي تحمل الشخشيخة. تتكرر العناصر الرئيسية أمام
مركب الملك رمسيس علي الجدار الشمالي حيث نجد الملك بمبخرته والملكة بأداة
الصلصلة ولكنها هنا تلبس التاج الحتحوري وليس الباروكة كما هو موجود علي
الجدار الجنوبي ويلاحظ أيضا أن كل من الملك والملكة يقفون حفاة وليس
بصنادلهم, أما مركب الملك فيحمله رجال دين , ومقدمة ومؤخرة المركب تأخذ شكل
الصقر.
وتتركز مناظر الجدار الشرقي بالصالة حول تقديم قرابين ,
ففي النصف الجنوبي من الجدار يقدم الملك أزهارا إلى ثالوث مدينة طيبة
(الأقصر) وهم الأب أمون والام موت والابن خونسو ولكن الملك وضع نفسه مكان
خونسو كعادته. ويقدم الملك خسا إلى الثالوث المكون من اله الخصوبة والتناسل
مين-أمون"كاموتف" والام إيزيس والابن الملك رمسيس المؤله. واعتبر المصريون
الإله مين-أمون إلها للخصوبة والجنس والمسافرين في الصحراء ودائما ما صور
كرجل يخرج عضو التذكير ودائما ما يقدم له نباته المقدس "الخس".
مجسم لمعبد ابو سمبل الكبير - معبد رمسيس الثاني - و معبد أبو سمبل الصغير - معبد نفرتاري - في اسوان
الصالة المستعرضة:
يلي صالة الأعمدة الثانية صالة مستعرضة والتي يبلغ
طولها 11.65 متر وعرضها2.90 متر , وتعتبر هذه الصالة هي تمهيدا للمحراب
.وقطع في الحائط الغربي ثلاثة مداخل الأوسط يؤدي إلى المحراب والشمالي
والجنوبي يؤديان إلى غرفتين صغيرتين ملحقتين ليس بهما نقوش. تتعلق أغلب
مناظر هذه الصالة بتقديم القرابين. فالملك يقدم خمرا إلى اله التناسل
مين-أمون والإله حورس محا ولبنا إلى أمون-رع الذي صور برأس كبش, ويعطي خبزا
إلى اتوم وزهورا إلى الإله بتاح في مقصورته بالإضافة إلى تمثال صغير ماعت
إلى الإله تحوت.
قدس الأقداس " المحراب":
الحجرة الداخلية الأخيرة فهى قدس الأقداس حيث يجلس
(تماثيل) آلهة المعبد الكبير الأربعة على عروشهم المنحوتة فى الحائط الخلفى
فى انتظار الفجر.
يعتبر هذا المكان هو أقدس بقعة في المعبد والذي لا
يدخلها سوي الملك وكبير كهنة المعبد لأداء الطقوس والشعائر اليومية للآلهة .
تقام هذه الطقوس ثلاث مرات في اليوم أثناء شروق الشمس ومنتصف النهار وعند
غروب الشمس. و يري المصريون القدماء أن أهم هذه الشعائر الثلاثة هي ما يقام
عند شروق الشمس وكان كبير الكهنة يفتح باب المحراب الخشبي من أجل أن تقع
أشعة الشمس علي وجه الإله فتعطيه حياة وبعثا. و تتوال بعدها الشعائر التي
تتضمن تغيير الملابس التي يرتديها الإله منذ الأمس , ثم يضع عليه الملابس
الجديدة , ويعطر جسم الإله , ويبخر المحراب ويضع القربان (طعام وشراب )
وبعد أن يتناول الإله روح الأطعمة والشراب يقوم بإغلاق المحراب حتى صباح
اليوم التالي ليقوم بنفس الأدوار, أما طقوس الظهيرة والغروب فلم تتضمن سوي
تقديم الطعام والشراب لروح الآلهة ولكن دون فتح المحراب. وتتركز مناظر
الجدران علي منظر الملك وهو يقدم قربان الطعام الموجود علي مائدة إلى مركب
الإله أمون-رع (الجدار الجنوبي) ومركبه .ويمكن التمييز بين المركبين من
خلال مقدمتها ومؤخرتها , ففي مركب الإله نجد المقدمة و المؤخرة علي شكل
الكبش أما الخاصة بالملك فعلي شكل صقر. ووضع المركبان علي زحافة موضوعة
علي قاعدة وهي نفس القاعدة الحجرية الموضوعة في منتصف المحراب. ونحت في
الجدار الغربي للمحراب أربعة آلهة والذي اهدي لهم هذا المعبد وهم من اليمين
لليسار:
الإله رع-حور-اختي رب الشمس ومدينة عين شمس القديمة والذي يضع علي رأسه قرص الشمس وحية الكوبرا .
الملك رمسيس المؤله ويضع تاج الحرب علي رأسه .
الإله أمون-رع رب الأقصر القديمة واله الدولة الرسمي والرئيسي .
الإله بتاح رب منف العاصمة القديمة لمصر(رأسه مفقودة ) .
يبدو أن المعبد مكرسا إلى الهين أساسيين وهما آمون-رع
والملك الذي جعل من نفسه إلها في هذا المعبد , لذا نجدهما علي محور المعبد
الرئيسي الذي يمتد من المدخل الرئيسي حتى قدس الأقداس (المحراب), ثم الهين
آخرين بجوارهما وهما اله الشمس و بتاح. شيد المعبد الكبير علي محور
شرقي-غربي , ولذا فان أشعة الشمس تدخل بطول محور المعبد وتنير تماثيل
المحراب الأربعة مرتين سنويا الأولى في 22 من شهر اكتو بر والثانية في 22
من شهر فبراير. وتدخل الشمس في الساعة 5.50 صباح اكتو بر , 6.20 صباح
فبراير وتبقي لمدة 23 دقيقة مركزة إطار مستطيل علي تمثالي المحور الأوسط
(آمون-رع و رمسيس المؤله ) ويبلغ طول المستطيل 3.55 متر و عرضه 1.85 متر.
وكانت أشعة شمس هذين اليومين تدخل في المعبد في موقعه القديم في يومي 21 من
شهري أكتوبر وفبراير وبسبب تغير إحداثيات الطول والعرض للمعبد فان أشعة
الشمس تأخرت يوما كاملا. والمعروف أن أول من لفت الأنظار لهذه الظاهرة هي
الروائية الإنجليزية اميليا ادواردز عام 1874 وسجلت ذلك في كتبها الشهير
"ألف ميل علي النيل". فسر البعض دخول الشمس في هذين اليومين بأنهما يمثلان
يوم مولد الملك ويوم تتويجه والغريب أن هذا التفسير شاع واصبح كأنه حقيقة
لا جدال عليها. ويبدو أن أصحاب هذا الرأي كانوا علي اتصال بالسجل المدني
في مصر القديمة وعرفوا من خلاله تاريخ مولد وتتويج الملك باليوم والشهر
والسنة والذي لا يعرفه باحثو المصريات .
No comments:
Post a Comment